Exit logo
مراجيح الدير .. قصة العيد التي لاتنتهي

مراجيح الدير .. قصة العيد التي لاتنتهي

الجمعة 07 حزيران

شهد الخالد


أن تكون من منطقة الفرات، فأنك مهمش منذ زمن بعيد، من طفولتك وانت محروم من السعادة المرفهة، حتى قبيل الحرب السورية، والتهميش الممارس هو ممنهج بالتأكيد، حتى بأبسط الأمور فرحا، وخصوصا في الأعياد، فلا يوجد هناك ما يُسلي الأطفال، ولا مدن ألعاب كتلك الموجودة في دمشق وحلب وغيرها، ولا مولات ولا أماكن يستطيع الأهل اصطحاب أطفالهم بغية الاحتفال بالعيد إلا “سوق الهال”، نعم سوف يستغرب القارئ إذا كان لم يزر دير الزور في عيد الفطر أو عيد الأضحى.

سوق الهال هو سوق شعبي لبيع الخضروات والفواكه وموجود في الدير بمنطقة الجبيلة، يحوله الأهالي في عطلة العيدين إلى حالة أشبه بـ “كرنفال” يقدمون به كل مايمكن أن يفرح الطفل بقدرات بسيطة بعيدة عن التكنولوجيا معتمدة على القوى البشرية، مثلا “القليبة” التي يركب بها الاطفال و تحركها سواعد الرجال لا محركات تعمل على الوقود أو الكهرباء، ومع ذلك هي مساحة لتعالي ضحكات الأطفال ورسم الابتسامة على وجوه أهاليهم، ولا ننسى المراجيح على اختلاف أنواعها وأحجامها أيضا، وألعاب أخرى تحركها الأيدي، شبيه بتلك التي نراها في المسلسلات المصرية في أحيائهم الشعبية الفقيرة، ولكن في الدير ليس الفقر هو من حتم على الناس البساطة في الفرح وعدم ملاحقة التقدم والتكنولوجيا، فكل طبقات المجتمع كانت تذهب إلى هذا الكرنفال، وما يؤكد تسميته بذلك هو وجود الحيوانات، للبيع وأيضا التجربة، ليس كتلك الموجودة في حدائق الحيوان المعروفة، بل الأمر مقتصر على “البغال” و “الحمير”، للركوب في زمن محدد بمبلغ معين، وبعض “الأرانب” للبيع وأيضا “الصيصان الملونة”، فقط ذلك، وهذا المستطاع بالنسبة للقائمين على الكرنفال وغالبيتهم هم من الناس البسطاء وينتظرون العيد للعمل والاسترزاق قليلا.

هناك من أختار أن يكون بائعا متجولا، أن كان للألعاب أو حتى بعض الحلويات الديرية، مثل “الهيطلية” التي يكون بائعها ليست مهنته الأساسية، وقد تكون زوجته أو والدته هي من صنعتها ليبيعها، المكان ككل في “سوق العيد” مساحة لأتفاق ما اكتسبه الطفل في الصباح الباكر من “عيدية” من أهله، ولا يعود إلى منزله إلا وخالي الوفاض.

 اليوم مع تقدم الزمان وما حمله من تغيير كبير في حياة الديريين، كل شيء ذهب إلى الأسوء للأسف، بسبب الحرب التي تخرب حياة الانسان وترجعه عشرات الأعوام إلى الخلف، و منطقة الفرات ككل نالت قسطا كبيرا من الدمار والحزن، واصبح غالبية الأهالي يعيشون دون خط الفقر، ومع ذلك يبحثون عن الفرح بكل مكان وخصوصا في الأعياد، يسترجعون أدواتهم البسيطة لإدخال بهحة العيد إلى قلوب أطفالهم، يعيدون ويصنعون المراجيح وبعض الألعاب التي كانت رائجة قبل سنين، صحيح أن المكان تغير وانتقل “سوق الهال” إلى حي “القصور” الذي أصبح أشبه بعاصمة الدير ومكان تجمع الأهالي ، كونها من الأحياء الأقل تضررا من دمار الحرب، ولكن بهجة العيد حاضرة هذا العام، مثلما حضرت بهجة شهر رمضان المبارك.

Do NOT follow this link or you will be banned from the site!