Exit logo
ثانوية الفرات … ذاكرة الأجيال الجميلة

ثانوية الفرات … ذاكرة الأجيال الجميلة

الثلاثاء 09 تموز

فادي بعاج


منذ أيام تمت الإشارة لي “تاغ” من قبل أحد الأصدقاء القدامى أيام الدراسة، إلى صفحة في موقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك”، تحمل عنوان “ثانوية الفرات بدير الزور”، فجأة رجعت بي الذاكرة إلى تلك الأيام الجميلة التي لا تنسى، المليئة بالأحداث والتكون الشبابي، والرفقة الشقية المختلطة بين الجلوس على المقاعد واللعب في “الفرصة” مثلما تسمى حتى الآن، هناك تكونت الصداقات الأولى والتي حافظ على بعضها الحائط الأزرق “الفيس بوك”.

مدرسة الفرات لمن لايعرفها، هي أقدم مدراس مدينة دير الزور وأعرقها أيضا، وإلى وقت طويل حافظت على مستوى تدريسي عالي المستوى، تخرج منها خيرة الشباب الديري، الذين شقوا طريقهم في مجالات حياتية مختلفة، افتتحت “الفرات” أبوابها عام 1910 كمدرسة تعليم المدارس السلطانية، وكانت أول تسمية رسمية لها “المكتب السلطاني” نسبة إلى مرحلة التعليم، وقد ضمت مرحلتين، الأولى: مرحلة التعليم الرشدية، وضمت الصفوف من السادس إلى الثامن، وتخرج منها أول دفعة من الطلاب عام 1913 ، وحصلوا على الشهادة الرشدية التي تعادل الشهادة الإعدادية أو ما يسمى مرحلة التعليم الأساسي العام، أما المرحلة الثانية، فكانت تسمى بالتعليم الإعدادي التي احتوت صفوف من التاسع إلى الثاني عشر، وتخرج منها أول دفعة من الطلاب عام 1917 ، حصلوا على الشهادة الإعدادية التي تعادل الشهادة الثانوية اليوم، اللغة التركية كانت هي الرسمية للمدارس النظامية، إضافة إلى اللغة العربية ولغتين ثانويتين هما: الفرنسية والانكليزية، بالإضافة إلى بعض المواد الأدبية والعلمية.

تطور المدرسة كان ملاحقا للتطور السياسي ولما مرت به المدينة من تعاقب السلطات الحاكمة من العثمانية إلى مرحلة البعث، والتي حينها أصبحت المدرسة فقط تستقبل الطلاب المتخرجين من مرحلة الأعدادية، و بات اسمها “ثانوية الفرات العامة”.

الجميل في الصفحة “الفيسبوكية” أنها تذكر معلومات تاريخية مهمة، ومنها من قام بإدارتها من خيرة مربي دير الزور، اسماء كان لها وزنها الاجتماعي في المدينة، وكيف لا وهم مدراء أشهر مدرسة، ويعتبر هذا المنصب مهم جدا مثل أي منصب حكومي، ومنذ تأسيس “الفرات” تولى مجموعة من الأشخاص إدارتها منهم الأساتذة: سهيل الحيجي، أسامة العاني، عبد الله رويلي، تحسين الجمهري، صبحي الملاح، طالب صابوني، بهجت الشهبندر، سعيد المعروفي، عرف الرفاعي، أحمد الفتيح، عز الدين العطار، عبد الكريم زهور، منير شدرفيان، صبري الأشتر، عبد الجبار العدي، كمال علوان، عبدالوهاب جهادي، عبدالغني بغجاتي، حسن غفرة، جمعة الساعي، كمال علوان، عثمان طريخم، عبد اللطيف شطيحي، آصف رجب، محمد رشيد رويلي، هشام سفان، عدنان عويد، فاضل سفان، رياض مالاتي، وليد ناصيف، عبد الحكيم جنيد، ياسين الصالح، وليد العبدالله، وغيرهم.

أما من كان يُدرس في المدرسة، فهذا يعني له أنه وصل إلى القمة المهنية، ويكفيه ذلك لأن يطرق بابه الكثير من الطلاب لأخذ دروس خاصة في بيته، في وقت لم يكن موجود مايعرف بالمدارس الخاصة، وحتى بعد تواجد بعضها مثل مدرسة “النجاح” الخاصة، كانت تحرص على استقطاب مدرسي “الفرات” لتشجيع الأهالي على تسجيل ابنائهم فيها، وخصوصا أولئك الذين اسنتفذوا سنوات الدراسة في “الفرات”، أو من رسب في “البكالوريا”، وعليه أن يعيدها مرة أخرى لنيل النجاح ومن ثم الاتجاه لمرحلة الجامعات أو المعاهد بمختلف الاختصاصات.

أهم مايميز “الفرات” هو بنائها المعماري التاريخي، الذي يعود أحد الأبنية إلى العهد العثماني، والثاني تم بناؤه في العهد الفيصلي، الهندسة معمارية غاية في الجمال، وتحمل متانة وقوة جعلتها تصمد لسنوات طويلة حتى وقتنا الحالي.

كل من درس في “الفرات” هذا الأسم العريق، يفتخر بذلك ويعتبره وساما يحمله طوال عمره ، ومنهم يخبر اصدقائه وابنائه عن قصصه وذكرياته الشقية، وعند التقاء الأصدقاء الديريين ، أول ما يستذكرونه هو أيام الثانوية التي جمعتهم قبل ما تفرقهم الجامعات والاشغال الحياتية، وبعضهم فرقتهم المسافات، وأصبح الحديث من وراء شاشات هواتفهم، وهم في دول مختلفة، ويبقى حنينهم إلى تلك الأيام هو الراسخ في وجدانهم قبل مغادرة مدينتهم الغالية على قلوبهم.

Do NOT follow this link or you will be banned from the site!