Exit logo
“ترقيع الشوارع وسد الجور” مطلب ديري يتجدد كل عام

“ترقيع الشوارع وسد الجور” مطلب ديري يتجدد كل عام

الجمعة 02 آب

جلنار إبراهيم

——————

ما بين المزاح والجدية يطلق أهالي دير الزور مطالبهم بتحسين أوضاع مدينتهم التعيسة، عبر الحائط الفيسبوكي الذي اصبح مساحة السوريين ككل لإبراز سخطهم ومعارضتهم على نواحي حياتهم العامة، لكن هناك مطلب للديريين هو قديم ويتجدد كل عام وخصوصا في فصل الصيف، هو “تزفيت الشوارع” التي نالت منها أمطار الشتاء، وكيف لا والمواد المستعملة من قبل البلدية في عمليات إصلاحات الطرق هي الأسوء على الأطلاق، و هذا مقصود حتى يتسنى لهم إعادة “التزفيت” مرات عدة، وبتالي استمرار تدفق “حنفية الفساد” و نهب أموال الشعب.

في دير الزور الأمر مختلف تماما عن باقي المحافظات ، بسبب “الجور” العميقة في شوارع المدينة، التي كانت بمثابة بحيرات صغيرة منذ وقت قصير، وبفعل الحرارة العالية المشهود لها في المنطقة يتبخر كل ماهو على الأرض من مياه، ويجف الوحل “الخبايص” مثلما يحلو للأهالي تسميتها، وبعدئذ يظهر المخفي وهو الأعظم بالنسبة للأهالي وخصوصا ممن يمتلكون السيارات، وهم قلة قليلة وأكثرهم يعمل عليها للتوصيلات، لأن السيارة اصبحت بالنسبة للسوري رفاهية عالية جدا، و مصاريفها مرهقة كثيرا.

ليس فقط من يمتلك السيارة هو من يطالب بإصلاح الشوارع، بل هناك الكثير من الرجال ويعتبرون الفئة الأوسع في المجتمع الديري، وهم أصحاب الدراجة الهوائية “البسكليت”، ويشكلون غالبية الشعب الذين لهم الكلمة الأولى في المدينة بالامتعاض والانتقاد والشجب ومطالبتهم ليلا ونهارا بما هو أخف على الدولة ماديا من عمليات “التزفيت”، هم يقترحون “الترقيع” فقط لا غير، حتى لو كان هذا ليس جماليا بالنسبة للمارة، لكن ذلك لا يهم فهم معتادين منذ زمن طويل على هذا المنظر الأشبه ببقع متسخة، بألوان باهتة تضفي كمية أخرى من الكآبة التي يعاني منها بالأصل من يقطن في عروس الفرات.

للترقيع قصة طويلة مع الديريين، هناك من يحمل هذا الأمر على عاتقه ونفقته الخاصة، هنا نتكلم قبل الحرب بالتأكيد، يكون الشخص هو من يدفع كل التكاليف لعمال البلدية لترميم “الجور” الموجودة في شارع منزله، و كثيرا ما كان يتم تزفيت شارع ما، بسبب فرح من عرس أو عودة حجاج إلى حي من أحياء المدينة، الأموال المدفوعة تكون بمثابة رشاوي علنية ولا غبار عليها، ولا خوف منها أيضا، فالبلد قائم على سلطة فاسدة زرعت في نفوس الشعب أن لا يمكن انجاز شيء إلا بالرشوة حتى لو كان ذلك قانوني مئة بالمئة.

قليلة هي الأوقات التي تحظى بها شوارع دير الزور بالتزفيت الكامل، فقط في المناسبات الوطنية على أعلى مستويات، اذكر مناسبة احتضنتها المدينة وهي مهرجان الباسل الذي كان يقام كل عام في محافظة مختلفة، التزفيت الذي حصل في ذلك الوقت اقتصر على الشوارع الرئيسية فقط، لم يمتد إلى الحواري، ولكن الأهالي فرحوا به كونه يمس شوارع مدينتهم، وعلى مر السنين بقيت دير الزور تجدد مطالبتها “بترقيع” شوارعها لعلها تصل في يوم من الأيام إلى مرحلة “التزفيت” الكامل.

Do NOT follow this link or you will be banned from the site!