Exit logo
تحدي الجسر المعلق الشهير “السبُّول الفرنسي”

تحدي الجسر المعلق الشهير “السبُّول الفرنسي”

الخميس 24 كانون الثاني

فادي بعاج

______

بينما انشغل الكثير من الأشخاص حول العالم في الأيام السابقة بنشر تحدي جديد على وسائل التواصل الاجتماعي، هو نشر صورة حالية في العام الجديد 2019 وأخرى تسبقها بعشر سنوات، شارك الديريون بهذا “تشالينج” كما متعارف عليه، بصورة رمزهم الأبدي، وهنا قد يتساءل البعض، من هذا الشخص الذي يجتمع عليه أهالي دير الزور، بالطبع لا يوجد في الحاضر ولا في الماضي أيضا من يحظى بهذه الشعبية لينال ثقة و حب الديريين، لا يوجد أحدا من لحم ودم ، لكن هناك من يتكون من الحديد والاسمنت والحجر، “الجسر المعلق” الرمز الكبير والعشق اللامحدود ، الذي عليه تعلقت ذكريات أهالي الدير، هو من أبكاهم حرقة عند تهدمه في العالم 2013 ، الكثير منهم نشروا صورته القديمة في العام 2009 حينما كان شامخا ومزارا يوميا لأهالي وضيوف المدينة، وصورة جديدة متناقلة تثبت حالته البائسة المتهدمة الحالية.

المصادفة هنا أن الجسر المعلق دخل تحدي هو الأول له في مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما كان هو مركزا لتحديات أهالي دير الزور من الصغار والشباب والرجال أيضا، كان تحدي ذكوري بامتياز طبقا للعادات والتقاليد في المدينة، وهو بمثابة عرض “سيرك” والفرجة بدون أي مقابل مادي، يتمثل بالقفز من أعلى الجسر إلى نهر الفرات، بأسماء عديدة مثل “السبُّول الفرنسي” و”اللكحة” و”القدريَّة” ولكل منها أسلوبها في القفز، وفي التعريف لما تعنيه هذه الكلمات التي تنتمي إلى اللهجة الديرية، “السبُّول الفرنسي” وهو أن يرمي الشخص نفسه إلى الماء على أن تكون يديه أوَّل ما تصل الماء ويسمى بذلك نسبة إلى فرنسا حسب اعتقاد الديريين التي هي من قامت ببناء الجسر عام 1928، وهناك قفزة أخرى تدعى “اللكحة” وهي الالقاء بالنفس واقفاً أي أن تصل الأرجل الماء أولاً ولها تسمية ثانية هي “السبُّول العربي”، بينما “القدرية” وهي على شكل “قرفصاء” يقوم الديري بضم ركبتيه إلى صدره وهو في الهواء عندما يقفز إلى الماء، ولكن يبقى النوع الأول “السبُّول الفرنسي” هو الأصعب تنفيذا، ويعد رمزا للرجولة، وخصوصا لدى أهالي حي “الحويقة” الشهير، وهو المنطقة القريبة جغرافيا من نهر الفرات والجسر المعلق بالتحديد.

مابين الأنواع في القفز التي ذكرناها، هناك تحدي يجمعهم فيما بعض، وهو معدل ارتفاع القفز طبقا لوجود مناطق مرتفعة بشكل متصاعد، والمشي على الأكبال الحديدة التي تربط أعمدة الجسر المعلق ببعضها، هو الطريقة المتبعة للوصول إلى أعلى نقطة مرتفعة للقفز، وهنا بالتحديد الرحلة المحفوفة بالمخاطر، ووقت ممتع للمتفرجين من الأسفل يقضونه وهم مركزين على أقدام السباح الديري ذو القلب الحديدي، وهي تمشي على الكبل الحديد صعودا، هي مخاطرة كبيرة شبيهة بتلك التي نراها بعروض السيرك العالمية، لكن مع اختلاف كبير، حيث الديري معرضا للموت اذا تهاوت أقدامه، ولا يوجد شيء يحميه على عكس الأدوات الآمنة الموضوعة في السيرك.

هناك الشخص الذي يقوم بالعرض يمشي كالطاووس، يشعر بأنه ملكا فوق جمهوره الذي يحييه ويصفق له ويشد من أزره، يتلاعب باعصابهم مع بعض الحركات التمثيلية، مثل اخذ استراحة ليجلس على الكبل، والتمهل كثيرا بخطواته، واستغلال أكبر قدر ممكن من ترجي جمهوره لينفذ قفزته الخطرة، هو لا يتكلم حتى يصل القمة التي يصل ارتفاعها حوالي 35 متر، ومن هناك يخاطب ويصرخ بأعلى صوت له مهديا فعلته لأحد من معارفه أو لحارته، ويقول باللهجة “الديرية” “هذا سبُّول لأبو فلان أو لعيون الحويقة”.

هذا التحدي الديري القديم المحفور في ذاكرة الديريين، ومنهم من خصص أغلب زياراته إلى الجسر المعلق لرؤية استعراض القفز إلى نهر الفرات، ومنهم من تمنى أن يكون هو من يقفز لكن خوفه منعه من تجربة ذلك، لكنه دائما ما يتحدث لأهله وأصحابه مارآه من حدث مدهش بالنسبة له، ويعتبره هو الأكثر روعة، وهو الآن يتمنى فقط عودة تلك المشاهد إلى الواقع، و عودة الجسر المعلق ليقف من جديد ويستقبل زواره بعد تهدمه منذ خمس سنوات وأكثر.

Do NOT follow this link or you will be banned from the site!