Exit logo
هجين .. تحرير مؤقت ومرهون بصراع عالمي

هجين .. تحرير مؤقت ومرهون بصراع عالمي

الأربعاء 19 كانون الأول

فادي بعاج

————–

تصدر تحرير مدينة هجين عناوين الأخبار في اليومين الماضيين، كيف ولا وهي أهم معاقل تنظيم داعش المتبقية، وهناك من وصفها بـ “الجيب الأخير” ، التحرير كان على أيدي قوات سورية الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة “واشنطن”، وذلك بعد معارك ضارية استمرت لأسابيع، كان أشرسها الأسبوع الفائت عندما شنت قوات سوريا الديمقراطية التي يشكلون الأكراد غالبية صفوفها، هجوما عنيفا من عدة اطراف استطاعت بخلاله دحر عناصر داعش الذين يقدر عددهم بألفين إلى خارج حدود هجين الواقعة في ريف دير الزور الشرقي بمحاذاة الحدود العراقية السورية، وهذا ما أعطى المدينة أهمية استراتيجية كبيرة.

التحرير لم يكن بالأمر السهل، فقوات قسد عانت الأمرين في الأسابيع الماضية مابين عمليات الكر والفر اللتان نفذتهما عناصر داعش الذين استغلوا أيضا سوء الأحوال الجوية، التي اضطرت طيران التحالف الدولي على التوقف عن العمل، وبهذا استطاع التنظيم إعادة بعض المناطق التي حررتها قسد من قبل، ومن لا يعرف فأن المعارك في هجين بدأت منذ أشهر، وشدة الاشتباكات كانت قوية لدرجة أن بعض المناطق المحررة من  قبل قسد صباحا، تعود لقبضة داعش ليلا، المعارك كانت لاتهدأ والقتلى من الطرفين يقعون يوميا تقريبا، وهذا أيضا ما عبر عنه القيادي في قسد رودو  خليل الذي قال لوكالة فرانس برس أن تحرير هجين من داعش لا يعني الانتهاء من التنظيم الإرهابي لأنه يتخذ أشكالا أخرى من خلال خلاياه المنتشرة هنا وهناك، مضيفا أن: “عمليات مطاردته ستستمر وقتا طويلا ربما أطول من وقت دحره من هجين”.

سبق كل ذلك تهديد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان باجتياح مدينة منبج ما لم تُخرج واشنطن حلفاءها الأكراد منها،  وأعلن عن عملية عسكرية جديدة ضد وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعد العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، مشدداً على أن تركيا عازمة على إحلال السلام في المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات أيضاً، جاء كلامه هذا خلال لقائه بأعضاء منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، وقال حينها “منبج مكان يعيش فيه العرب لكنهم سلموا المنطقة للمنظمة الإرهابية، ما نقوله الآن هو أن عليكم تطهير المنطقة وإخراجهم منها وإلا فسندخل منبج أنا أتكلم بوضوح”.

وبالفعل مع إعلان تحرير هجين، بدأت طلائع الجيش التركي تحتشد على الحدود السورية، واتجهت قوات الجيش الوطني الذي تشرف عليه تركيا، إلى مناطق قريبة من تل أبيض و رأس العين، حيث من المقرر أن تبدأ المعركة هناك ومن ثم تنتقل إلى منبج.

الوحدات الكردية أكدت من جانبها أنها ستواجه أي هجوم تركي، محذرة من أنه سيدفع قواتها في هجين للعودة والدفاع عن مناطقها وعوائلها وهي من أولوياتها، أي مايعني أن الانتصار الكبير بدحر داعش يبقى مؤقتا، وفي حال عودة عناصر للمشاركة بمعركة شرق الفرات المرتقبة، ستكون هجين لقمة سائغة أمام عناصر تنظيم داعش للعودة للاستيلاء عليها، وهم الذين يختبئون في جيوب قريبة منها أبرزها بلدات السوسة والشعفة.

على مايبدو حتى الآن أن التحالف الدولي استجاب لنداء قائد “قسد” مظلوم كوباني الذي نادرا ما يصرح للإعلام، ولكن خطورة الموقف جعلته يطالب واشنطن عبر وكالة “رويترز” أن تبذل جهوداً أكبر لمنع الهجوم التركي، حيث أصدر التحالف الدولي بيانا قال فيه: “تبقى مهمة التحالف في شمال شرقي سوريا دون تغيير، نحن نواصل عملياتنا العادية، بما في ذلك مراكز المراقبة في المنطقة الحدودية (على الحدود بين سوريا وتركيا)، لحل المشاكل الأمنية لحليفتنا في الناتو تركيا، ونحن لا نزال ملتزمين بالتعاون مع شركائنا المحليين الأكراد لضمان هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية”.

كثيرة هي الصحف العالمية التي نشرت مؤخرا تحليلات وتوقعات بأن الأرض السورية سوف تشتعل وتشهد في المرحلة القادمة معارك كبرى وصراعات عالمية، وها هي تركيا تقرع أجراس الحرب ضد الوحدات الكردية، ولا تحسب لها أي انجاز في محاربة تنظيم داعش، هي ترى في وجودها في المناطق على حدودها خطرا يهدد أمنها القومي، ولكن يبقى السؤال الرئيسي ماذا ستفعل الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب المنشغل بخلافته مع عدد من اعضاء الكونغرس، هل سوف تعود الحرب الباردة بينها وبين تركيا، أم يتخطى ذلك إلى صراع بالأيدي تكون فيه وحدات الحماية الكردية هي الرابح الأكبر فيه، ولا ننسى أن الولايات المتحدة الأميركية، نشرت  في الأيام القليلة الماضية مراكز مراقبة على الحدود التركية السورية، غير آبهة برفض تركيا الشديد وبالتالي غطت عسكريا القوات الكردية من هجوم محتمل يشنّه ضدها الجيش التركي.

Do NOT follow this link or you will be banned from the site!