Exit logo
أهالي الفرات في خطر هذا الصيف .. فهل يصمدون كعادتهم؟

أهالي الفرات في خطر هذا الصيف .. فهل يصمدون كعادتهم؟

الثلاثاء 23 تموز

فادي بعاج

——————

كل صيف يمر على البلاد منذ عشرة أعوام أشد حرارة من الذي كان قبله، وهذا الأمر ليس محصور بمنطقة ما، بل هو حاصل في أغلب مدن العالم والسبب يتعلق بالتغيرات المناخية والاحتباس الحراراي، فما بالك في منطقة الفرات الأكثر حرارة في عموم سوريا، وهي المشهورة بطابعها الصيفي المختلف “الصحراوي”، القاسي على الأحياء من البشر والحيوانات أيضا، والأخضر يصبح يابساً ان لم يأخذ كفايته من الماء.

الحر في دير الزور والرقة وريفهما قصة أليمة لايعرفها إلا من عاشها ورافق تطور أدوات التبريد، التي تبدو غريبة في بعض الأحيان، ومنطقة القرات من المناطق الممارس عليها التقنين الكهربائي منذ زمن بعيد، حتى قبل الحرب التي زادت لهب الأرض أكثر وأكثر  ، ولو رجعنا بالزمن منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان الحصول على “مروحة” كهربائية ترفاً، لأهالي منطقة الفرات، بسبب غلاء سعرها وعدم توافرها في الأسواق بسبب الأزمة الاقتصادية التي مرت على البلد مع انتهاء أحداث حماة المشهورة، كان الناس يبتكرون طرقا للتبريد تعتمد على الماء، والأهم هو شربه باردا ليروي عطشهم في صيفهم القاسي،  كانت أغلب العوائل تشتري يوميا قوالب كبيرة من الثلج وتبدأ باستعمالها بعدة طرق، كما يتم حفظها قليلا بـ “شوالات القطن”، ومنهم من يضع القليل من الثلج على البلاط لتبريده، بهدف الجلوس على الأرض.

كانت الكهرباء أن وجدت فلا فائدة منها لعدم قدرة الأهالي على شراء “المراوح”، ولكن مع بدء العقد الجديد التسعينيات، انتشر هذا الاختراع المهم بكثرة في الأسواق، أصبح رب الأسرة يهتم كثيرا بشراء المروحة أكثر من أي شيء آخر، و أخذت تتطور المروحة مع تقدم التكنولوجيا، منها من يوضع في سقف البيت، وهي التي كان لها حكايا مع الصغار والخوف دائما من وقوعها وتقطيعهم بشفراتها الحديدة، ومنهم من يروي حوادث أصابات وقعت بسبب عدم تثبيتها جيدا.

التطور الذي ناله أهالي الفرات وكان رائعا بالنسبة لهم، هو “المكيف الصحراوي” القادم من بلدان الخليج العربي، بواسطة أبناء المنطقة الذين يعملون فيها، وكان هذا الابتكار بمثابة أجمل هدية يقدمونها لأسرهم، المكيف يعمل على الكهرباء و الماء بذات الوقت، ويعتمد على القش الطبيعي الذي يجب تبديله مع بداية كل موسم صيفي، ويجب على مالكيه أن يكون لديهم مكان خارجي واسع، مثل “بلكونة” أو “جنينة” بسبب حجمه الضخم، ويجب عليهم وعلى من يقطنون جنبهم تحمل صوته العالي المزعج، ويلزم التناوب من أفراد العائلة على تعبية الماء في المكيف تقريبا كل ساعتين، ولكن كل ذلك يهون أمام ما يقدمه من هواء رطب وبارد نوعا ما، هذا المكيف كان ثورة بكل ماتعنيه الكلمة في كل من دير الزور والرقة، و طوق النجاة من “الشوب” مثل مايصفونه الأهالي، ولا يوجد برأيهم أقسى من “شوبهم”، بالطبع كان سعره في البداية غاليا، لكنه مع مرور الوقت وخصوصا ظهور المكيف الكهربائي الجبار ذو الصوت العالي “القطعة الواحدة”.

اليوم يقاتلون أهالي الفرات الحر الشديد بدون أي أسلحة “تبريدية”، فلا كهرباء موجودة بشكل دائم، وساعات الانقطاع تحتل أغلب أوقات النهار، والأسعار غالية جدا بالنسبة لوضعهم المعيشي، لكنهم صامدون مثلما صمدوا طيلة الثمان سنوات الماضية، يقال منذ زمن بعيد أن ابن الفرات لديه طاقات تحمل كبيرة والسبب الأول هو مايعانيه في كل صيف من حر شديد، يزيد خشونة رجولته وقوتها، وهذا الشيء ينطبق أيضا على المرأة الديرية التي أعتادت على عبور المحن وتحمل المصاعب، و في داخلها صبر كبير يكفيها و يكفي عائلتها.

Do NOT follow this link or you will be banned from the site!