Exit logo
المشجع الديري .. “الهوليجانز” البائس

المشجع الديري .. “الهوليجانز” البائس

الخميس 10 كانون الثاني

فادي بعاج

_______

أن تولد في بيئة تعشق كرة القدم، وتكبر على أصوات تتعالى وتتناقش إلى حد الخلاف على سبب الخسارة في المباراة وسوء تصرف المدرب، وتستمع إلى الراديو لمتابعة نتائج الدوري، ويصطحبك والدك وانت صغيرا الى الملعب ليعلمك كيف تصدح بصوتك تشجيعا للنادي الذي يعشقه هو حتى النخاع، فأنت بالتأكيد ستنمو على حب كرة القدم وتواظب أسبوعيا الذهاب إلى المستطيل الأخضر لمشاهدة فريقك المحلي المفضل، هذا الأمر ليس موجودا بكافة المناطق السورية، بل محصورا بعدد قليل من المحافظات وهذا ينعكس على عدد مشجعي كل من الأندية السورية، وبالتأكيد ينطبق هذا على الوضع الديري، فعندما تذكر كلمة دير الزور أمام أي شخص من أبناء باقي المحافظات يجاوبك فورا : “نادي الفتوة!”، فهناك ارتباط شديد بين اسم المحافظة واسم النادي المشهور من وراء مشجعيه وليس من النتائج أو البطولات التي حققها، فهو النادي الذي تراه احيانا في مؤخرة ترتيب الدوري السوري، وتجد مدرجات ملعبه محتشدة بعدد يفوق 20 الف متفرج، رابطة مشجعيه تقريبا الوحيدة التي تسافر مع اللاعبين إلى كل المحافظات لمؤازرته وإطلاق الهتاف الأشهر الذي يقول : “بالزور بالقوة رح يربح الفتوة”.

أبو خولة .. و الهوليجانز

جماهير الفتوة من جميع أطياف المجتمع، ترى في المدرجات الطبيب مجاورا بائع الخضروات، والطالب يجلس بجانب المعلم، و كبار السن برفقة أحفادهم أيضا، التشجيع ليس حكرا على أحد، لكن يتوجب عليك أن تمتلك صوتا قويا لايهدأ لتكون ضمن رابطة التشجيع الأولى بقيادة “أبو خولة” الشهير الذي في بعض الأحيان يطلب من الجمهور مايتعدى مهارة الصوت وخصوصا عندما يكون الفتوة متأخرا بالنتيجة، فهو يطلب استخدام الأرجل لهز الملعب بـ “الدبج” حسب تعبيره، وهو يصرخ بأعلى صوته محمولا على الأكتاف قائلا: “بدكم تربحون ادبجوا ادبج ادبج”، وايضا أبو خولة هو من يحاول ضبط غضب الجمهور عندما ينهالون بالسباب على الحكم بسبب مايظنونه قرارات ظالمة بحق لاعبي الفتوة.

كثيرا مايوصفون مشجعو الفتوة  بـ”الهوليجانز” نسبة للمشجعين الانكليز الذين يثيرون الشغب بعد المباريات، لكن هنا لا يتم التعميم بالطبع ولكن بعض الحوادث التي شهدت عنفا حقيقيا بعد المباريات ، هي ما دعت اطلاق هذا الوصف الانكليزي على فئة متعصبة من مشجعي الفتوة.

عمر السومة .. فخر!

اليوم المشجع الديري لا يمكلك ملعبا يذهب إليه ليصدح بصوته، وناديه الذي يحب بلا روح، فقط اسمه موجود مثل بقية الأندية السورية، هو ايضا لا يمللك الكهرباء في منزله لمشاهدة البطولات العالمية لكرة القدم، وأهمها الآن بالنسبة له هي كأس آسيا، وخصوصا مع مشاركة منتخب سوريا بقيادة ابن دير الزور اللاعب الأشهر آسيويا عمر السومة، والمشهور أيضا بتقلب مواقفه السياسية، ولهذا هو لم يحقق لقب “فخر سوريا”، حتى لم ينال لقب أصغر منه جغرافيا وهو “فخر الدير”، إسوة باللاعب المصري العالمي محمد صلاح الملقب بـ “فخر العرب”، بالعودة إلى المشجع الديري الذي خصصت له حكومة النظام الصالة الرياضية المغلقة المهترئة لحضور مباريات منتخب سوريا فقط، ووضعت له فيها شاشة عرض خجولة لا يتجاوز حجمها المترين طولا وعرضا، تعتليها عبارة تشجع أهالي دير الزور المنهكين اقتصاديا على إعادة الإعمار.

تشجيع بلا كهرباء

يقول احد الحاضرين الذين ذهبوا لمشاهدة المباراة الأولى لمنتخب سوريا ضد المنتخب الفلسطيني التي انتهت بالتعادل الايجابي، أن المتابعة كانت صوتية بالنسبة للكثير من الحاضرين بسبب صغر حجم شاشة العرض مع أجواء باردة جدا كانت قاسية خصوصا على الأطفال الذين لم يستطيعوا اكمال المباراة لنهايتها، ولكن بالرغم من ذلك فأن الصالة كانت ممتلئة، وقسم كبير من الحضور جاؤوا بسبب حالة الملل التي يشعرون بها مع فقدان أبسط مقومات المعيشة، و منها الكهرباء وخصوصا لمحبي متابعة المباريات، وهنا لانتكلم عن الترف فرضا مثل متابعة الدوريات العالمية، بل هي مسابقة على المستوى الأقليمي هي الأضعف بين مثيلاتها لقارات العالم، ولكن حتى بذلك الديري هو مشجع بائس لا ينال مراده من مشاهدة المباريات وتحليلها ومناقشتها مع رفاقه، هو فقد حبه لهوايته الأولى التي تجمع أغلب رجال الأرض وهي متابعة كرة القدم، ليس في الذهاب الى الملعب، لا إطلاقا بل المشاهدة من وراء شاشة تلفازه القديمة، التي لم يستطع استبدالها منذ ثمانية سنوات، حاله حال الكثير من السوريين في الداخل الذين استطاعوا العودة إلى منازلهم التي لم يطالها دمار الحرب.

Do NOT follow this link or you will be banned from the site!